خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الثائرة التي.. لم تتراجع !

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة منذ عرف العالم في ستينات القرن الماضي الشابة الثائرة السوداء انجيلا ديفز وهي تخرج في مظاهرات مدينتها برمنغهام (وهي من مواليدها عام 1944) منخرطةً في صفوف الشيوعيين في اعقاب الحقبة المكارثية المظلمة وحاملةً الفكر الأممي دفاعاً عن حقوق المرأة والمهمشين سواء كانوا سوداً أو سكاناً أصليين او فقراء من أي لون، ويتم اعتقالها المرة تلو المرة وتتحمل صنوفا متعددة من القمع والاضطهاد فلا تتراجع ولا تنثني وظلت طوال العقود التالية ايقونة المثقفين والثوار في كل مكان حتى بعد ان اخترقت بجدها وكفاءتها اوساط الاكاديميا، فعندما شاهدتُها على شريط مصور تحاضر قبل بضعة اعوام في احدى جامعات جنوب افريقيا وجدتها بعد غياب طويل عن دائرة معرفتي واطلاعي ماتزال كالطود الشامخ يحف بها احترام واجلال جمهورها الكبير وتخاطب رفاقها وثوار العالم بنفس مظهرها البسيط وشعرها الكث الذي اشتهرت به في بداياتها وكأنها شجرة افريقية عنيدة تضرب جذورها في ارض القارة الاميركية ثم تشمخ بكبريائها الانساني في سماء كل القارات، ولقد تحدثتْ يومها عن وحدة نضال كل المضطهدين في العالم وفي مقدمتهم نساؤه، ولم تنس فلسطين البتة فقالت إن ما يجري فيها من مقاومة باسلة ضد الاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني الاقصائي العنصري هو جزء مهم من حركة النضال العالمي.. في العام الماضي قرر معهد برمنغهام للحقوق المدنية في ألاباما منحها في احتفال كبير الشهر القادم جائزة فريد شاتلزوورث Fred Shuttlesworth لحقوق الانسان لعام 2019 تقديراً لجهودها الفذة في العمل من اجل حقوق الافريقيين الاميركيين والمضطهدين في مختلف انحاء المعمورة، وعلى حين غرة اوائل الشهر الحالي قرر المعهد إلغاء الاحتفال بها وحجب الجائزة عنها، ولقد تبيّن سريعاً ان السبب وراء ذلك القرار المخزي يكمن في اعتراضٍ قدمته احدى المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة بحجة ان ديفز تؤيد حركة المقاطعة الفلسطينية BDS وتنتقد سياسة اسرائيل ضد الفلسطينيين وذلك في نظر تلك المنظمة ((معاداة للسامية))!

صحيح ان انجيلا ديفز غضبت واشمأزت من ركوع المعهد العريق أمام الضغوط الصهيونية لكنها لم تتخاذل ولم تساوم على موقفها الصلب بل قالت بملء فمها إن تراجع المعهد عن منحي الجائزة وحرماني من الحديث بهذه المناسبة ليس اساءة لشخصي بقدر ما هو خيانة لروح العدالة التي لا تتجزأ، وواصلت إدانتها للاحتلال الاسرائيلي، وللنظام العنصري المسلط على الفلسطينيين وهو المرادف في رأيها للابارتهايد الذي مارسه حكم العنصريين الاستعلائيين البيض في جنوب افريقيا، فما كان من هيئات حرة اخرى إلا أن هبت لمناصرتها في اقل من 48 ساعة وتجاوبت مع غضبها فتحرك مجلس بلدية برمنغهام وأعلن عمدتها راندال وودفين ان المجلس قرر بالاجماع ان يثأر لكرامة المواطنة الشجاعة انجيلا ديفز وينظم احتفالا بديلاً لتكريمها في نفس التاريخ من الشهر القادم، واصدر الاتحاد الوطني العام للدراسات النسائية بيانا في 14 يناير الجاري يستنكر قرار معهد برمنغهام بحجب الجائزة عن ديفز ويطالبه بالتراجع وتقديم الاعتذار لها، كما كتبت الصحفية البارزة في جريدة النيويورك تايمز ميشيل الكساندر وهي محامية متخصصة في الحقوق المدنية مقالا في عمودها بتاريخ 18 يناير بعنوان ((حان الوقت لكسر الصمت حول فلسطين))، فقالت انها بعد زيارات متعددة لاسرائيل انكشفت امام عينيها الحقائق الفاضحة عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال وهي تؤيد اليوم موقف انجيلا ديفز وحقها في انتقاد سياسة اسرائيل كما تستنكر خضوع معهد برمنغهام للابتزاز الصهيوني الذي يتهم ديفز ظلما بمعادة السامية.

وفي 22 يناير قام 350 من اساتذة وعلماء الجامعات في الولايات المتحدة باصدار بيان بعنوان ((لن ينجح القمع في اسكاتنا)) يدينون قرار معهد برمنغهام ويدافعون فيه عن انجيلا ديفز في مناصرتها لحقوق الفلسطينيين أسوة بملايين الناشطين الملتزمين من جميع الشعوب بما فيهم عشرات الآلاف من اليهود والعديد من الاسرائيليين، وقال البيان ((قد لا نتفق كلنا على سياسة واحدة في الشرق الاوسط لكننا نشارك انجيلا ديفز رأيها في ان استمرار الاحتلال الاسرائيلي خطأ فادح وعدوان صارخ وأن سياسة حكومة اسرائيل ضد الفلسطينيين قمعية وعنصرية ((وهذا الموقف ليس موجهاً ضد اليهود كما يُدَّعى احيانا بل ضد سياسات الحكومة الاسرائيلية، وحكومتنا ايضاً التي تؤيد هذه السياسات))!

وبعد.. فانجيلا ديفز ليست مجرد مناضلة صلبة وحسب بل هي فوق ذلك مفكرة ثورية كبيرة دأبت على تقديم عصارة تجربتها الثورية الطويلة وخبرتها السياسية العميقة في مؤلفاتها ومحاضراتها وخطاباتها التي مازالت تلهم الجماهير في تطلعها للحرية وللمستقبل الأجمل..

تنويه:

جاء على تلفزيون وإذاعة DN الأميركية قبل ساعات أن رئيسة معهد الحقوق المدنية لبرمنغهام اندريا تيلور قد صرحت بأن مجلس الامناء قرر اعاد ة الجائزة لابنة برمنغهام انجيلا ديفز والاحتفال بذلك الشهر القادم.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF